الأربعاء، 31 مارس 2010

البيوت الذكية .. تُدار بالاستشعار عن بُعد




هذه البيوت تم تصميمها وإعدادها وتجهيزها لمساعدة ” المُعاقين ” على الحياة بأكبر قدر ممكن من الاستقلال ..
والأمر هنا ليس مجرد أبواب تُفتح وتُغلق بالضغط على الأزرار ، بل إنه نوع من المساعدة الذكية لهؤلاء الذين حُرموا من نِعم كثيرة ..
وعلى سبيل المِثال ، فإنه بمجرد ارتفاع درجة الحرارة تُفتح نوافذ المنزل ، وينقطع التيار الكهربائي تلقائياً عن مواقد الطهي ..
كما أن نظم الإدارة مَصممة بحيث تعمل تلقائياً أيضاً عند حلول الظلام ، وجهاز التكييف مُبرمج عند درجة مُعينة ، وكذلك كل شيء موجود في المنزل يعمل من خلال شبكة معلومات مُتكاملة ، والتي يتم تغذيتها بالاحتياجات اللازمة لكل ساكن على حِدة ..
فمثلاً يُمكن تزويدها بأجهزة استشعار تعمل عن إصابة أحد النُزلاء بالصرع ، وعند وُصول صُحف الصباح على الباب ..
وهذه البيوت الذكية عليها إقبال كبير في الدول الصناعية خاصة الإسكندنافية ، حيث تنتشر فيها أنماط لا مركزية وشخصية من الرعاية لكل من يحتاجها من المرضى أو كبار السن ، ففيها تجد رجال السياسة والأطباء والمُنظمات المدنية تبذل جهوداً مُضنية وشاقة للبحث عن طُرق أفضل من أجل مُعاونة كِبار السن والمُعاقين على التعايش مع مجتمعاتهم بشكل أفضل ، وخاصةً تفادي اللجوء إلى بيوت المُسنين والملاجئ قدر الإمكان ، وأن يحصل المُسن أو المُعاق على الرعاية داخل بيته ..
ولنتجه إلى أحد هذه البيوت لنرى كيف يعيش سكانه ..
والبيت الذي اخترناه هو بيت يقع في مدينة ” تروندهايم ” الساحلية غربي النرويج ، ويُعد أول بيت في العالم يُصمم خِصيصاً لهذا الغرض ، حيث زُودت كل غرفة فيه بأحدث التكنولوجيات ، ويُقيم فيه خمسة معاقين ..
فهناك ” كونت تيلونيد ” ـ 53 سنة ـ شاء قدره أن يُصاب بمرض تصلب الأنسجة المُتعدد ، والذي تسبب له في شلل كامل ، لدرجة أنه لا يستطيع تحريك أي عضو من أعضاء جسمه حتى شفتيه ..
لكن ذلك لا يعني إطلاقاً أن تلك الإعاقة حكمن عليه بالصمت ؛ لأن ” الكمبيوتر ” قدم له لساناً جديداً يستطيع التحدث به مع الآخرين ، إنه جهاز مُزود ببرنامج خاص عبارة عن وحدة متطورة لمعالجة الكلمات قادرة على الاستجابة لحركات العين ، وعندما يريد ” تيلونيد ” كتابة جُملة ما فإنه ينظر عبر نظارة خاصة مرتبطة بالكمبيوتر ويُوجه نظره إلى لوحة حروف كبيرة مرسومة على الشاشة ، ويركز نظره على حرف ما ، ثم يُومئ إيماءة بسيطة بطرف عينيه ، هنا يظهر الحرف الذي يريده وجزء خاص بالكتابة على لشاشة أيضاً ، وهكذا ينجح في الكتابة على الكمبيوتر بمجرد النظر إلى الحروف ، مما يسمح له بالتواصل مع الآخرين ، ويفتح باباً إلى العالم الخارجي رغم الشلل الذي أصابه ..
وهكذا .. تلعب البيوت الذكية دوراً كبيراً في تحسين حياة ” المُعاقين ” الذين يعيشون فيها ، كما أنها يُمكن أن تُشكل خطوة مهمة لحل عدد من المشاكل منها مشكلة مهمة للغاية تُعاني منها الدول الصناعية المتقدمة ، وهي كيفية توفير الرعاية للعدد الكبير من كبار السِن ، والذين تتوقع هذه الدول زيادة عددهم مع الزيادة المُستمرة في متوسط العمر ..
والبيوت الذكية تُحول حياة المعاقين إلى نوع من الشراكة أو المشاركة بدلاً من الاعتماد على المُساعدة ..
كما تُساعدهم على أن يكون للواحد منهم رأي في إدارة شُؤون حياته ، والذي يجب ألا نغفله : أن مشروع البيوت الذكية ليس هدفه بالضرورة أن تُصبح كل بيوت الذكية ؛ لأنه قد تكون هناك حالات تحتاج درجة عالية من العناية لن تُساعد فيها هذه التكنولوجيا كثيراً ، كما أن العامل البشري يظل مُهماً مهما تطورت التكنولوجيا ؛ لدرجة أن أجهزة الاستشعار عن بُعد الموجودة في البيوت الذكية قد تُنادي على ساكن البيت وهو في طريقه إلى الخروج لينطلق صوت الميكرفون ، يقول له : (( ارتد سترتك يا سيدي .. فالجو في الخارج بارد ))

اذا أعجبك المقال أرجو أن تترك تعليقك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق